الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٧١
منها، والفريضة قائمة إلى يوم الدين، ففي حياة النبي (صلى الله عليه وآله) ينتفي التنازع بحكم موقعه من الرسالة والأمة فيبين وجه الحق والصواب، وبعد فراقه (صلى الله عليه وآله) لأمته، فإن أولي الأمر، وكذلك بحكم موقعهم المذكور يبينون للأمة وجه الحق في كل تنازع ينشأ، ولما أنهم لا يحكمون بشئ، من عندهم، بل بما عند الله ورسوله، فلقد كان الرد واقعيا إليهما فالنص ناظر إلى هذا الواقع، لذا لم يكن ضرورة لذكرهم بالرد بعد أن بين صدر الآية ولا يتهم العامة، ووجوب إطاعتهم على الأمة، لا سيما فيما كان من شأنه التنازع فيه، إذ الإطاعة هنا لصاحب الولاية أولى وأوجب، وما لم يكن هذا الرد إلى أولي الأمر بحكم ولايتهم بعد حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وما لم تلتزم الأمة بهذه المرجعية المقررة بالنص، فإن هدف الفريضة في رفع التنازع عن الأمة لا يتحقق، كنتيجة لما لدى الأمة واقعيا من القابلية إلى الاختلاف في فهم الكتاب والسنة، ومما يؤكد هذا المعنى قوله تعالى " وإذا جائهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطان إلا قليلا "، فالرد هنا هو إلى الرسول وإلى أولي الأمر، ولا يقصر الأمر على موضوع الشائعات، وحتى لو كان النزول افتراضا في مناسباتها فالمورد لا يخصص الوارد، علما أن عبارة " أمر من الأمن أو الخوف " عامة تشمل كل أمر يعرض للأمة وينشأ لها من أمن أو خوف، بما فيها من المنازعات والاختلاف في أي شأن من شؤون الدين والأمة، وعبارة أذاعوا به بليغة البيان في الجهر به وإظهاره، نتيجة التنازع فيه
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»