الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٥٥
عليه وآله)، واستقر الأمر على ذلك، ولقد جاء القول بالاجتهاد في شأن الإمامة متأخرا بهدف إيجاد تبرير وتشريع للواقع الغالب، ولئن كان الاختلاف حولها يجعلها أمرا خلافيا لا محالة، لكن ذلك ليس لأنها شأن اجتهادي، أو يجوز الاجتهاد فيه، إذ لا اجتهاد في مقابل النص، ومثل هذا الاجتهاد لا يلزم أحدا. على أنه لو الشريعة أغفلت شأن الإمامة، لا يحق لأحد أن يجتهد بأن الخليفة الذي امتلك الولاية بأساليب بشرية غدى يمثل إرادة الله ويحكم بشرعيته وسلطته، بحيث أن مخالفته تكون مخالفة لله ورسوله، لأن ما من أحد يمثل إرادة الله الحقة إلا من اختاره الله لذلك التمثيل وعصمه عن الضلال فيه، فإرادة الله التي يحاسب عليها العباد هي الهداية، وهو لا يريد لهم الضلال ولا يرضاه.
إن مقولة أصحاب الاجتهاد في الإمامة، بأن الخلافة أمر اجتهادي، يجعلها شأنا بشريا غير مقدس وخاضعا للتغيير ويجعلها مشروعا بشريا لا سماويا، له غاياته البشرية. بينما الإمامة شأن رباني لا بشري، مقدس ثابت إلى يوم الدين، يوجبه العقل بكل ما أوجب به النبوة. وهو خط إلهي كحلقة متصلة بحلقة النبوات، غاياتها ربانية لا بشرية، ومكملة لأهداف النبوة الخاتمة إلى يوم الدين، يراد بها هداية البشرية. وقد جعلته الرسالة فريضة إلهية في الكتاب والسنة بالنصوص القاطعة للحجة، التي لامكان للاجتهاد فيها، بل جعلته ركنا أساسيا، فكان مع إمامة النبي (صلى الله عليه وآله) فريضته واحدة في نص أولي الأمر، ومعادلا القرآن في حديث
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»