الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٦٠
ولو طال الاحتمال، كلها كانت من وراء صمود الشيعة عبر القرون، بالرغم من أقصى أشكال الاضطهاد، وكانت المحرك لوجدان الجماعة الشيعية في رفض الخضوع للظلم والانحراف، والطلب الدائم للإصلاح في المجتمع الإسلامي، في مقابل خضوع الأمة في الطرف الآخر، لولاة الأمر الفسقة الفجرة الظالمين من منطلق ديني عبر القرون، إلى أن أصبح هذا السلوك في كل طرف مميزا له، وطابعا لشخصيته. لذا فتسريب المقولة بالاجتهاد من شأن الخلافة البشري إلى الإمامة الربانية المصدر، يجعل عقيدة الإمامة كالخلافة من الفكر البشري حصيلة الاجتهاد وليست أمرا إلهي المصدر، ويلزم منه أن يعتبر الشيعي عقيدته المذكورة أمرا بشريا غير مقدس، لا ربانيا ذا قدسية عالية مما يفقده أثره الوجداني، لا سيما أن هذا الادعاء مقترن مع تأسيس أن العصمة ليست سوى في التبليغ، من خلال تفسير الآيات المتعلقة بالأنبياء تفسيرا يهشم صورة الكمال البشري، أو يبدله بما يدعون به من الضعف البشري لدى الأنبياء، مما يفقد رموز الجماعة المؤمنة وما يرتبط بها من المثل والقيم، أثرهما النافذ إلى الوجدان.
مثل هذه الترويجات نظن أنها من حيث لا يقصد أصحابها تصب في قناة المخطط الحثيث الهادف إلى تهجين الشيعة، لكن يكون التهجين هنا وهو الأخطر، من خلال منطلقات عقائدية، الأمر المطلوب لصيغة الشرق أوسطية الجديدة، كونهم العثرة الأقوى الباقية في وجه الهيمنة الصهيونية الغربية. لذا على النخبة المؤمنة أن تتوقع الاستمرار في تعاظم المحاولات الهادفة إلى تشكيك الشيعة بعقائدهم وتراثهم، خاصة حول الإمامة والعصمة وعقيدة المهدي (عج) وتراث عاشوراء وقدسية النبي (صلى الله
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 65 67 ... » »»