الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٥٩
الجمهور، وكيف أنه لم ينتج نظام حكم إسلامي متميز، لافتقاره إلى أصول في الشريعة يستند إليها بعد أن تأول أصحابه نصوص الإمامة المعصومة وعزفوا عنها، لذا بنوا اجتهاداتهم على عمل الصحابة الذي لم يستند في هذا الحيز إلى النصوص، فجائت نتائج الاجتهاد متناقضة، لاحقة لما استقر عليه واقع الخلافة، محكومة بها لا حاكمة عليها، جاءت لتبررها وتعطيها الشرعية لا لتصويب مسارها وتقويمها.
والكلام عن خضوع شأن الخلافة أو الإمامة للاجتهاد يعني الحقبة من وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى غيبة الإمام الثاني عشر (عج) لدى الشيعة، وسقوط الخلافة لدى السنة، وتلك هي نقطة الخلاف الجوهرية بين الفريقين، أما الكلام عن الحقبة المعاصرة، لإيجاد صيغة لحكومة إسلامية، فذلك أمر يختلف كليا في الاعتبار، وليس من هدفنا في هذا البحث، ولقائل أن يقول، وما الفرق في العصر الحاضر بين خط الإمامة وسواه من الخطوط في غيبة الإمام الثاني عشر (عج)، هذا الكلام ينطوي على نظرة سطحية، لإهماله أثر العقيدة التي تعتنقها الجماعة البشرية، وأثر النموذج والرموز التي يرتبط بها وجدانها، وتتجسد فيها قيمها. فلقد كانت عقيدة العصمة التي تجسد الكمال البشري المنشود في الأنبياء والإمامة المعصومة والنبي (صلى الله عليه وآله) وآل بيته (عليهم السلام) كرموز مثالية متحققة في الواقع الحياتي للشيعة، وما كان من سلوكهم وسيرتهم التي تجسدت في أصحاب الكساء (عليهم السلام) وتضحيات الحسين (عليه السلام) وعقيدة المهدي (عج) التي منها تستمد الثقة بحتمية انتصار الحق
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 65 ... » »»