الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٥١
أن انتهكت، ثم أنه (عليه السلام) قد أعاد خلال السنوات الخمس التي تولى فيها الخلافة والتي كانت مفعمة بالأحداث، أعاد إلى الذاكرة كثيرا من السنة في الممارسة، وجدد التذكير بالنصوص، ومنها نص الغدير في حادثة الرحبة، وكان يحمل الصحيفة معلقة بسيفه كلما صعد المنبر ليذكر الناس بها وبأنه الحافظ لسنة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وأمر سليم بن قيس أن يضع كتابا في السنة النبوية الشريفة، ولما كان لهذا الكتاب الأهمية القصوى في إظهار الحقائق النبوية، كونه دون في صدر الإسلام حين كان جمهرة من الصحابة على قيد الحياة وحين كان الخطر على السنة على أشده، وحين كان أهل البيت وشيعتهم في أشد حالة من الاضطهاد، مما جعل الرواية الصادقة خطرا لا يحتمله إلا أهل البصائر، فكان هذا مما يزيد في مصداقية الكتاب ورواته، فجاء بما فيه من حقائق فاضحة ووقائع دامغة لا يمكن مجابهتها إلا بالتشكيك، لذلك تعرض إلى التشنيع عليه من خصوم الإمامية، ومن المؤسف أن بعض الشيعة قد ينزلقون أحيانا، وتلتبس عليهم الأمور وحجتهم أنه في مورد أو اثنين يذكر أن الأئمة ثلاثة عشر، بينما في عشرات المواضع الأخرى يذكر أنهم اثنا عشر، مما لا يطعن في صحة الكتاب (راجع: الصحيح من السيرة)، بل يدل على أنه تصحيف غير مقصود، نتيجة النقل والتداول، بل يعطي مزيدا من الثقة بأسانيده ورواته، لدلالته على أنهم قد نقلوه حسبما وجدوه ولم يتصرفوا حتى بما يعلمون أنه خطأ في النسخ، ويدل على أنه لم يقصد فيه مطابقة الواقع الاثني عشري بعد أن استقر بغيبة الإمام الثاني عشر (عج)، ويدل على نزاهة رواته بعد أن ظهر هذا الواقع واكتمل، ولو كان مثل هذه الذرائع
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»