الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢١١
إلهيا، وتكليفا ربانيا لا تطوعا بشريا، مما يوضح أنها وظيفة من وظائف الرسالة، وحلقة متصلة بحلقة النبوة ومكملة لغاياتها، والنص واضح في هذا المعنى حين جعل الشاهدين حلقة تتوسط بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين الناس في خط الالتزام بالرسالة والاهتداء بها.
وفي المقابل فإن المتأمل في ما دعوه بالنخبة حسب تعريفهم، على افتقاره للدقة والوضوح، يجد أن من أعطي هذه الصفة يصدر غالبا في أفكاره ومواقفه عن رأيه، لا عن علم يقين، والقول " الذين يفهمون الإسلام حق الفهم " لا يغير شيئا، فحق الفهم هذا هو في ظنهم ومن زاويتهم الشخصية. فلا يكون بالضرورة مطابقا للصواب أو المصلحة أو لأصل الدين، ولا يجترئ أحد على الادعاء بخلاف ذلك، إلا من زين له الشياطين أعماله وأقواله، ومثل هؤلاء لا يصلح للشهادة في دين الله الذي لا بد أن تكون بحقيقته. على أن النخبة هذه متعددة المشارب، متشعبة الأهواء، مختلفة في فهم الأمور، وليست على رأي واحد في كثير من المواضيع، ولا في كثير من المواقف التي يتطلب من الأمة اعتمادها، ولم تكن في يوم من الأيام، هذا وقد افترق المسلمون إلى اثنتين وسبعين فرقة، كما أخبر به النبي (صلى الله عليه وآله) ولكل فرقة نخبتها، فأي نخبة من هذه النخب هي الشاهدة.
أجل، كل هؤلاء عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تكليفا كفائيا للأمة، وسيشهد الشاهدون المباركون يوم لا تبقى إلا الحقيقة، بحقائق الدين والإيمان على كل من هؤلاء في الحيز الذي تصدى له، إذ
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»