الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٠٧
به شئ من النص، ولا يستند إلى مرتكز من الكتاب أو السنة أو الواقع، ولو كنا نتكلم عن الإسلام واليهودية والنصرانية كأديان، فهي في جوهرها واحد، وأصل الوحي نموذج واحد، كما يخبرنا به القرآن الكريم * (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) * (1) ولو كنا نتكلم عن الوضع الذي آل إليه اليهود والنصارى في مقابل الإسلام، فالمقارنة لا تصح، إذ يجب اعتبار ما آل إليه المسلمون في المقارنة، وهو لا يختلف كثيرا عن حال سابقيه، وقد جاء فيما قيل أنه روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما ينبئ باقتفاء المسلمين أثر الذين من قبلهم شبرا بشبر، والواقع يؤكد ذلك.
ومن يتأمل في تعبير الوسطية من خلال النص ذاته والنصوص المتعلقة بالشاهدية، لا يجد معنى مقنعا وجيها من خلال النصوص ذاتها ودون توسط افتراضات خارجة عنها، معنى له ارتكاز في الكتاب والسنة والواقع، إلا ما تظهره آية الاجتباء التي نحن في صددها، بحيث يبدو أن توسط الأمة المسلمة من ذرية إسماعيل (ع) في الشاهدية بين الناس وبين شهادة الرسول (صلى الله عليه وآله) هو المعنى الأصيل للعبارة، الذي يتوافق مع السياق البياني لأي من نصوص الشاهدية، فكلها تقرر شهادة على مرحلتين، على الناس، وعلى الشاهدين، فتجعل الشاهدين وسطا في

(1) سورة المائدة / آية 48.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»