الناس، فلكي يخرجوا الشاهدية عن آل محمد (صلى الله عليه وآله) ادعوا أن المسلمين جميعا أبناء إبراهيم مجازيا (وفي هذا روح يهودية حيث يدعون لأنفسهم مثله، وما هم) فأصبح هكذا الخطاب لجميعهم وأصبحوا الشاهدين، ولما كانت هذه الدعوى ظاهرة البطلان، حيث أن كثيرا من المسلمين إن لم نقل أكثرهم، لا يصلح للشهادة على حمار حتى يشهد على الخلائق والأمم، وفيهم أساطين العلوم، ومنظرو المعارف البشرية، فلذلك قالوا إن الشهادة فيهم لأن الشاهدين وهم النخبة كما عرفوها، هي فيهم، لكن يبقى الإشكال قائما بتعريف النخبة المذكورة.
والمتأمل بالنص لا يملك إلا أن يفهم أن الشهادة المطلوبة من الله تعالى إنما هي بالحق في كل أمر يخضع للشهادة، فإذا كان المعيار هو الرسالة الإلهية التي هي محل الابتلاء، فيشهدون على الناس لها وبها، علمنا حينئذ أن الشهادة المطلوبة هي بحقائق الرسالة ومعطياتها، بأصلها وحقيقتها التي يريدها الله تعالى، لا بوجهات نظر شخصية تصدر عن الشاهدين، وهذا يقضي بضرورة أن يكون لدى الشاهدين الوجه الحق للدين الإلهي، وأن يكونوا على درجة من العلم والطهر فلا ينطقون إلا بالحق، وهذا كله ناشئ من أن الشهادة هي لله، وهو الذي قد طلبها وأناط وظيفتها بالشاهدين حسب منطوق هذا النص ذاته، وهذه الاعتبارات كلها مصداق قوله تعالى * (.. إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا..) * وقوله تعالى: * (وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب،