وجئ بالنبيين والشهداء، وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون) * (سورة الزمر 69).
ولقد جعل النص الشهادة على مرحلتين، النبي (صلى الله عليه وآله) يشهد على الشاهدين بالحق الذي بلغه عن الله تعالى، وهم يشهدون على الناس به. ولو كان ما لديهم من العلم محرفا عن أصله الذي لدى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) لا يبقى محل لشهادة النبي عليهم، ولا محل لشهادتهم ولا اعتبار، وهذا يستبطن بالضرورة أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد جعل لديهم العلم الكامل بحقائق الوحي الإلهي، وأن يكون الله تعالى قد ميزهم عن باقي الناس، بأن هيأهم بما يلزم من الفهم لاستيداع ذلك لديهم، وبما يلزم من الطهر الذاتي لكي لا يضلوا فيه، كما ميز رسوله بالعصمة وهيأه لاستيداع ما حباه به من العلم والوحي، خلافا لغيرهم من الناس الذين يعتريهم النقص في العلم والضلال في الرأي أو العمل، كما يستبطن أنهم المستحفظون على تلك الحقائق الربانية وهم مرجعيتها، وأنهم حجج الله تعالى يحتج بهم على عباده، بما يمثلونه من الوجه الصحيح للرسالة الإلهية علما وعملا، وكما أنهم يشهدون بحقائق الرسالة والوحي على الناس / فإنهم بالضرورة يشهدون لها كذلك، مما يعني أنهم مرجعيتها الذين بهم حفظ الله تعالى رسالته من التحريف، والأمة من الاختلاف والضلال. وهذا هو الجوهر في شاهديتهم، التي هي بحقيقة الدين لا بآرائهم الذاتية. وكما هو الحال في شاهدية النبي (صلى الله عليه وآله)، وكما يقول النص ذاته بكل وضوح، كانت شاهديتهم اجتباء