الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٢٣
شئنا أن يقرأ واحدا منها دون سواه لوجب تعيين صفته المميزة له، كأن نقول: إقرأ الكتاب الأخضر، أو إقرأ كتاب التوراة، لحلول الصفة محل الكتاب في الشائع، لانفراده بها عن غيره. أما لو كان أحد الكتب متميزا على كل ما عداه، بحيث لو ذكر دون صفة عرفه الناس، لجاز لنا أن نقول: إقرأ الكتاب معرفا بألف لام التعريف للدلالة على أنه الكتاب المعروف، لأنه غني عن التوصيف. لذلك قال تعالى: * (ومن عنده علم الكتاب) * وقال * (الذي عنده علم من الكتاب) *، فلو أن القصد واحد من الكتب السابقة، كالتوراة أو الإنجيل أو الزبور أو سواها، مما عرف قبلا لاقتضى ذكره بصفته التي عرف بها، أما وقد ذكر على هذا النحو المشار إليه، فدل على أنه ليس أيا منها، بل الكتاب الغني عن التعريف، والذي إذا ذكر لم يذكر معه غيره، وإذا حضر رفع الحاجة لسواه. فماذا عساه أن يكون من الكتب إلا الكتاب الذي إليه يرجع سواه، لأنه الأصل الشامل والوجه الصحيح لكل ما عداه، المتميز بأصالة المضمون وصدقه وشموله لحقائق الدين، فهو المعتبر * (الكتاب) * عند خالقه تعالى، دون ما عداه من الكتب التي أصابتها الشوائب التي من صنع الإنسان وأهوائه، فخرجت بذلك عن الحقائق الربانية وعن مصداقية (الكتاب) الإلهي في عين الحقيقة. فهذا الكتاب إذ يذكره لا ذكر لغيره معه، لذا جاء معرفا بألف لام التعريف، ليعلم أنه مصداق الكتاب عند الله.
على أننا نستطيع أن نؤكد هذا المعنى الذي ذهبنا إليه في معنى " الكتاب " إذا أخذنا النصوص القرآنية التي تتكلم عن الكتاب في تفسير
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»