أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) * فإنه جاء فيه كثير من الآيات التي استعملت لفظ أمة للدلالة على فئة من مجموع الذين اتبعوا الرسول دون جميعهم كقوله تعالى * (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) *، وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما) * و * (لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير..) * وهكذا فإن عبارة الأمة الوسط لا تعني ضرورة مجموع المسلمين، فلا بد لنا من أن نفهم نصوص الشاهدية مجتمعة في سياق موضوعي واحد لكي نحرز الصواب فيها. وأن النص الذي نحن في صدده كما أظهرنا بوضوح قد جعل وظيفة الشاهدية الكبرى منوطة بالمجتبين من آل إبراهيم من ابنه إسماعيل الذين ساهم المسلمين قبل القرآن ونعتهم بالأمة المسلمة، لذا فحين يأتي الكلام عن الشاهدية الكبرى في آيات أخرى لا بد من فهم عبارة الأمة على هذا النحو من أنها هي الأمة المسلمة من ذرية إبراهيم (ع). ولو فرضنا جدلا أن لفظ الأمة هو لعموم المسلمين فيكون لأن هؤلاء الشاهدين فيهم وليس لأنهم جميعا شاهدون، على أن الاعتراف بأن الأمة الوسط يراد بها هذه الأمة المسلمة بالخاصة، كما وصفها رب العزة، دون التوسط والالتفاف في التعبير هو أولى وأوجب للأسباب التي قدمناها.
وذات النقاش في معنى أمة ينسحب على قوله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " وذلك لذات الأسباب التي قدمناها، ولصلة هذا الكلام بوظيفة الشاهدية على الخلق، مما يفرض فهمها على ضوء آية الاجتباء للشاهدية التي نحن في