الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٩٤
يفقه حديثا، أو كان مفسدا في الأرض مؤذيا للناس بيده ولسانه، على من صلح عمله وسلم قلبه، فلم يحمل غلا للذين آمنوا، وقد أجرى الله به النفع الكبير لعياله، لكنه لم يسمع بالإسلام أو لم يبحث فيه إذ صده عن ذلك سوء الأمثولة التي رآها فيمن أسموا بالمسلمين بهتانا؟ فهل هؤلاء أمثل طريقة من هذا وقد أتيح لهم الإيمان ففسدوا رغم إقرارهم؟ أفيكونون المنتجبين المقربين إلى رب الخلق أجمعين، بينما إثمهم أكبر إذ قامت الحجة عليهم، وقال تعالى * (يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ولم تكسب في إيمانها خيرا) * أم نريد أن نضاهي قول الذين كذبوا على الله من اليهود في قولهم إنهم شعب الله المختار؟.
يقول تعالى * (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا) * (سورة النساء 69). فطاعة الله ورسوله تعني الدرجات السامية من الالتزام بالرسالة مقتضياتها، وهي حال أخيار الناس. فهؤلاء رفاق للشهداء ولكن ليسوا منهم كما يوضح النص * (وحسن أولئك رفيقا) *، فكونهم معهم لا يعني أنهم منهم مثلما لا يعني أنهم من النبيين، فالآية عبرت عن المعية " مع " ولم تقل " من ". فإذا كان الأخيار من المسلمين بصحبة الشهداء ولكن ليسوا الشهداء أنفسهم، فهل يبقى وجه لاعتبار آيات الشاهدية أنها تعني مجمل المسلمين؟ وإذا كان هذا حال أهل الطاعات فما بالك بأهل المعاصي والسوء؟
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»