وسأل لنفسه ولإسماعيل عليهما السلام ولهذه الأمة الإسلام الذي رغب فيه لنفسه إلى الله، وهو عند الله في المنزلة الغنية عن التوصيف، فإسلامه هو التوحيد الخالص، ودعاؤه هذا مرادف لقوله تعالى في معرض الكلام عن توحيد إبراهيم * (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون..) * ومواز لدعائه * (.. واجعل لي لساني صدق في الآخرين) * وفيه توضيح لمضمونها.
فتخصيص دعاء إبراهيم (ع) هذه الثلة من ذريته بالإسلام الذي رغبه لنفسه وابنه إسماعيل وهما النبيان المصطفان، يعني أنهم هم من الخاصة من الذرية الإبراهيمية المصطفاة على العالمين، وهم بحكم هذا النص سيكونون بعد إسماعيل وفي حقبة محمد (صلى الله عليه وآله) الذي بعث بالخاصة إلى الذرية في العموم، مما يجعله (صلى الله عليه وآله) مع هذه الثلة الأمة المسلمة المعنية، ويجعلهم معا مصداق قوله * (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) *، فهم من هذه الكلمة الباقية ومن حملة عهده ودعاته، يرجع بهم الناس إلى التوحيد، ومصداق قوله * (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) * فهم في الأمم المتأخرة لسان صدق له، هو الناطق بدعوته، ويجعلهم المصطفين في حقبة القرآن الذين أورثهم الله الكتاب * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) *. فمن يكون هؤلاء غير محمد وآله (صلى الله عليه وآله)، الذين طهرهم تعالى (1) وأمر بالصلاة عليه