الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٠١
الرأي والعمل (راجع أنماط السلوك في مجتمع الصحابة)، لذلك فهو من الناس المستهدفين بالشهادة. وهنا يلزم التمييز بين هذا الشاهدية الكبرى على جميع الخلق، كوظيفة ربانية المصدر هادفة إلى حفظ الدين والهداية به، وبين شهادة ظرفية قد تكون لبعض الناس على بعضهم فيما اختلفوا فيه من الحق، فيكون الشاهد في هذه الواقعة مشهودا عليه في غيرها، وهذا أمر آخر يختلف في المضمون عن الشاهدية الكبرى المستحفظة على الدين والمتصلة بخط الهداية الربانية الممتد من آدم إلى يوم الدين.
فمهمة الشاهدية هكذا هي وظيفة ربانية كبرى تعبر عن أن الشاهدين هم حجج الله على الناس إن هم ضلوا عن السبيل الحق، وتعبير عن الإمامة العامة على الناس، تعبير عنها من خلال توصيف وظائفها، وسنذكر المزيد من هذه الناحية لاحقا من خلال دلالات آيات الشاهدية.
على أن لقائل أن يقول أن من ذرية إسماعيل التي دخلت الإسلام آخرون إلى جانب آل محمد (صلى الله عليه وآله)، لكن العارف بحقائق الكتاب والسنة والواقع الاجتماعي لا يلتبس عليه الأمر فيمن هم المعنيون، فالإسلام الذي سأله إبراهيم (ع) للأمة المسلمة من ذريته ليس الإسلام بمفهومه السطحي، ولا هو مواز لإسلام الناس العاديين من المؤمنين، حتى يجعل منه تعالى قدوة للناس ينوه بها في القرآن، ويسأل بها إبراهيم (ع) ربه تعالى قبل القرآن في الزمن الغابر، بل هو من سنخ إسلام إبراهيم وإسماعيل حسب منطوق الآية نفسها، إذ كان الكلام شاملا لهما وثلة من ذريته عبر عنها * (ومن ذريتنا) * أي بعضا منها، دعاها بالأمة المسلمة،
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»