الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٩٩
ثالثا: قوله * (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا..) * يؤكد الدلالات السابقة الذكر، بأن المعني هم آل إبراهيم من ابنه إسماعيل عليهم السلام، وذلك من قوله تعالى حكاية عن دعاء إبراهيم لابنه إسماعيل وذريته * (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) *. وقوله * (من قبل) * أي من قبل نزول القرآن الكريم، ذلك حين نشوء هذا الدعاء الذي أشار إليه، وليس في المسلمين قبل ولا بعد نزول القرآن أحد ينطبق عليه هذا الوصف إلا هؤلاء، ولا أي جماعة أخرى من المسلمين قد سماهم بالأمة المسلمة سواهم، ويزيد تأكيدا ووضوحا تتمة دعاء إبراهيم عليه السلام * (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة..) * فقوله * (فيهم) * يعود إلى ذريتنا، فكانت رسالة محمد (صلى الله عليه وآله) التي بعثه بها للناس عامة رسالة لهم بالخاصة (1)، فكانوا هم خاصة المسلمين، وكانت الأمة المسلمة من الذرية الإبراهيمية خاصة الخاصة، وإنما سمي من أسلموا لله مسلمين تبعا لأسم أبيهم واسمهم الذي سماهم به قبل نزول القرآن الكريم، وكانوا خلاصة الإسلام وعصارته ومركز ثقله والنخبة فيه، والعقل يحكم أن الشاهدين على الخلق بدين الله لا يصح أن يكونوا إلا هكذا في موقعهم من الدين.

(1) وهذا مصداق قوله تعالى * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»