الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٩٥
أم نقول أن الله تعالى قد اجتبى عباده للإسلام. فهل يبقى من حساب على الذي كفر إذ استثني من الاجتباء.
إن التصديق برسالات الله لا يكون اجتباء ربانيا، بل هو تكليف أوجبه تعالى على كل نفس قامت عليها الحجة برسله، بل الاجتباء هو للأمثل من عباده يصطفيهم ويجتبيهم بحكمته ليحملوا رسالاته ويقوموا بكتبه، ليكونوا أعلام الهدى لمن يشاء أن يهتد. قال تعالى * (ما كان ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب، ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء، فآمنوا بالله ورسله، وإن تؤمنوا فلكم أجر عظيم) * (1)، فهذا النص ينبؤنا أن من الذين صدق عنهم عنوان الخطاب بالمؤمنين خبيث وطيب، فكيف يجتبي الله الخبيث إن كان كل هؤلاء مجتبين؟ فالاجتباء هو شأن للرسل * (ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء) * وهو أمر رباني لا شأن للناس به، * (وما كان الله ليطلعكم على الغيب) *، أما شأنهم فالتصديق الذي هو تكليف على كل نفس * (فآمنوا بالله ورسله) * وعليه الحساب * (وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم) *.
وكذلك قال تعالى * (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى، أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، كبر على المشركين ما تدعوهم إليه. الله يجتبي

(1) سورة آل عمران / الآية 179.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»