الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٩٦
إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) * (1). فلقد كبر على المشركين دعوتك، فليعلموا أن الله يجتبي إليه من يشاء لرسالاته بحكمته، لا تبعا لأهوائهم، بينما يهدي إليه من يسلم بأمره واختياره (من ينيب) فيستجيب إلى ما دعاه إليه الرسول.
ففي محصلة الكلام عن الاجتباء، أنه في اللغة الاختيار الممزوج بالجهد المتقن لاستخلاص الأمثل من كل شئ، وأن الاجتباء الرباني للبشر كما يفهم من السياق القرآني يحمل معنى من العناية الإلهية يخص بها الأمثل من عباده ليصطفيهم بما يتصل بشأن رسالاته ووظائفها، والاجتباء في هذا النص الذي نحن في معرض شرحه لا وجه لإخراجه عن المضمون اللغوي والسياق القرآني للاجتباء الإلهي. ولئن كان يعني أن المخاطبين هم مجتبون، لكنه لا يعني أن جميع المؤمنين كذلك، ذلك لأن صيغة الخطاب بالذين آمنوا لا تعني بالضرورة المؤمنين قاطبة، بل تصح أيضا لو كان الخطاب موجها إلى مجموعة منهم دون جميعهم، وهذا الخطاب بحاجة إلى دليل خارجي عنه يملي أحد الاحتمالين لذا فإن صيغة الخطاب هذه بعنوان الذين آمنوا لا تصلح دليلا على تعميم الاجتباء لكافة المسلمين بينما هي بذاتها بحاجة إلى دليل على هذا الشمول، بل على العكس من ذلك فإن مضمون الاجتباء الذي أوضحناه آنفا، له أن يرتد على صيغة الخطاب ليخصصها بالجماعة من المؤمنين الذين يحققون هذا المضمون، ولقد علمنا بالدليل الواقعي والدليل القرآني أن كثيرا من الذين يدخلون في

(1) سورة الشورى / الآية 13.
(١٩٦)
مفاتيح البحث: سورة الشورى (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»