الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٨٨
حكمته وعلمه بهم، فهو السميع البصير، علمه بأحوالهم التي تجعلهم مؤهلين لما يحملهم بهذا الاصطفاء من مهام وأعباء، وإليه ترجع الأمور، فهو الحاكم والمدبر ولا شأن للناس بهذا الاصطفاء. ويذكرنا الكلام عن الاصطفاء هنا بما علمناه من قوله تعالى: * (واصطفينا آدم ونوحا وآل إبراهيم وأل عمران على العالمين) * وقوله تعالى * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب..) * فيحضر لنا أن هذا الاصطفاء وجعل النبوة والكتاب في هذه الذريات المصطفاة إنما هو من الشأن الرباني الصادر عن حكمته تعالى، وعلمه باستعدادات خلقه ومصالح عباده، الذي أشارت إليه هذه الآية، وأن الاصطفاء المذكور فيها للرسل هو من سنخ وضمن خط الاصطفاء الذي خص به هذه الذريات.
ويتبع ذلك الكلام عن الاصطفاء كلامه تعالى عن اجتباء الذين آمنوا، الذين أبوهم إبراهيم لمهمة الشاهدية الكبرى، فنعلم أن هذا الاجتباء كان من خلال ذلك الاصطفاء على العالمين، ومن سنخه، إذ يأتي خطاب مباشر بعنوان الذين آمنوا، يأمرهم أمرا خاصا ببعض تكاليف المؤمنين، لما فيها من أبعاد في عقل المؤمن وضميره، ذات أثر في الوظيفة الاجتماعية، والوظيفة موضع الاجتباء، من عبادة، وفعل الخيرات والجهاد في سبيل الله حق الجهاد، ويتابع خطابهم يقوله * (هو اجتباكم، وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم، وتكونوا شهداء على الناس..) * فنعلم من هذا أن الاجتباء هو ليكون الرسول شهيدا عليهم ويكونوا
(١٨٨)
مفاتيح البحث: سبيل الله (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»