الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٩٨
مني) * إذ هذه العبارة لا تشير إلى أنه منه نسبا ليكون أباه، بل يعني أنه يمت إليه بالإيمان، وهو واضح الدلالة عليه. بل ذلك الاعتبار غير جائز لجملة أسباب، أولها أن الأصل في معنى الأب في اللغة هو الدلالة على العلاقة النسبية من والد وجد وعم، أما المعاني الأخرى كالأبوة المعنوية فهي من المجاز فلا تثبت إلا بدليل. ثانيها: أن هذا المعنى النسبي يتوافق مع الاستعمال القرآني للفظ الأب الذي لم يرد إلا للدلالة على هذا المعنى في كل النصوص الأخرى، و * (وادعوهم لآبائهم) * و * (.. ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين..) * و * (.. إذ قال لأبيه..) * وغيرها لتدل على الأب والعم والأجداد. ثالثها: أن معنى العلاقة النسبية في اللفظ أظهر من المجاز المفترض بمعنى التبعية في الدين، فالأول ثابت في أصل اللفظ، فهو الأولى أما الثاني فعارض عليه بالمجاز، لذا يحتاج إلى دليل، وهو مفقود في النص ذاته وسواه من نصوص الكتاب، أما الخطاب بصيغة الذين آمنوا في الآية التي سبقتها، فهو كما سبق القول يصح أن يكون خطابا لجماعة منهم دون جميعهم، وأنه لا يحمل في ذاته دليلا على أحد الاحتمالين، بل بحاجة إلى دليل من خارجه على الدعوى بعمومه لجميع المؤمنين، لذا لا يصح بذاته قرينة على تعميم سواه، وهكذا فإن الأصل الظاهر في الدلالة اللغوية لمعنى الأب على العلاقة النسبية يفرض نفسه، بل هذه تغدو قرينة على تخصيص الخطاب الأول بمن علم أنهم أبناء إبراهيم (ع)، ويزيده قوة وتماسكا وصفهم الذي يليه * (هو سماكم المسلمين من قبل) *.
(١٩٨)
مفاتيح البحث: النبي إبراهيم (ع) (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»