الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٧١
استقصاء النصوص الإبراهيمية في تفسير موضوعي تجلي هذه الحقيقة، وهو ما سيجده القارئ لاحقا خلال البحث المفصل في تفسير آية الاجتباء للشاهدية من هذا الكتاب.
بعد هذا نعود إلى دلالة آية التطهير على عصمة آل محمد (صلى الله عليه وآله): إن إذهاب الرجس يعني نفي كل فعل من السوء صغيرا أم كبيرا، ويعني نفي الضلال تماما لأن كل ذلك من الرجس الذي يعتري الإنسان، وإذ لا خلاف في الدلالة اللغوية للنص يبرز ادعاء البعض بأن الإرادة الربانية هنا موقوفة على العمل والالتزام بما أمر الله وشرع، أي موقوفة على إرادتهم هم بالالتزام بذلك، فتكون إرادة الله متعلقة بما سن من شرائع لإذهاب الرجس، ولئن ظهرت غرابة هذا المنطق فإن خطأه أظهر لما يقتضيه من إضافة عنصر على الآية خارج عنها في عملية إسقاط لا ضرورة له لاكتمال المعنى بدونه، فضلا عن ذلك فالإضافة لو قبلنا بها على سبيل الجدل، فإن النص يبقى دالا على تعلق الإرادة بإذهاب الرجس، وما تقدير التشريع إلا من قبيل افتراض الواسطة التي يريد تعالى بها إتمام متعلق الإرادة الذي هو إذهاب الرجس كما يدل سياق النص، فيكون سن تلك التعاليم من ضمن الإرادة القاضية بإذهاب الرجس، وقد تكون الواسطة التي قرر تعالى بها إذهاب الرجس عنهم أمرا آخر يعلمه هو سبحانه، الذي خلق لكل خلق مقاديره، وقوله المؤكد ب‍ * (إنما) * ثم لام التأكيد * (ليذهب) * يشير إلى تأكيد مكرر للإرادة الإلهية في إذهاب الرجس عنهم، وجاء التعبير بصيغة المضارع من قبيل التأكيد
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»