المرسلين من الله، الذين لا يصدرون إلا عن أمره، والحق الذي لا مرية فيه، إن صاحب الرسالة المتنزه عن العيوب، والمتصف بالعدالة والحكمة وكمال النفس والأخلاق، إذ لم يكن ليطلب أجرا على رسالة بلغها ودولة أقامها، ومجتمع أسسه، ونظام أرساه، ونور من الله أضاء به درب البشرية، ولم يكن في وجدانه ليحرص على أي شئ أكثر من حرصه على حفظ رسالته، لذا لم يكن أي أمر ليصلح لذلك أجرا، كمثل المحافظة على ما قد أنجز، لذلك إن طلب أجرا، فلا بد أنه مما يرجى منه حفظها واستمراريتها، ولا بد أنه من مقتضيات ذلك، لذا كانت مودته في قرباه أجره الذي يترجم إرادته بذلك، وكانت هذه المودة سبيلا لمن شاء أن يسلك السبيل إلى الله * (ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) * فما أسألكم عليه من أجر (أي مودته في قرباه) ليس بالأجر الشخصي لنفسي، بل ليس إلا سبيلا إلى الله لمن شاء أن يتخذ إليه سبيلا، ثم كان هذا الأجر الذي سأله عائدا على الناس لما فيه هدايتهم لا على النبي (صلى الله عليه وآله) شخصيا * (ما أسألكم عليه من أجر فهو لكم) *. ولم تكن هذه المودة سبيلا إلى الله، وخيره عائدا عليهم إلا لأنه يريد منها انقياد الأمة لهم من خلال وظيفتهم في الرسالة وحفظها.
من هذا يظهر جليا أن عبارة " آل محمد (صلى الله عليه وآله) " أو " أهل البيت (ع) " ليست لتقارن بقولنا آل فلان أو أهل بيت فلان من الناس، التي هي علاقة بشرية الطابع، بل هذه تعبير عن منزلة جعلها الله