الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٦٠
الأخرى) *، جاءنا بالمزيد، بأن جوز نظريا عليه الخطأ حتى في تبليغ القرآن، على أن يعود إلى التصحيح، الأمر الذي لو تأسس في الفكر الإسلامي فتح ثغرة للشك في كل شئ حتى القرآن، ذلك لأن طبيعة الموضوع تجعله غير خاضع لأساليب الاستقراء التي يدعي أنها تحل الإشكال بتأكيد صحة التصحيح إذا اعترض أحد بأنه إذا جاز خطأه في الأول فيجوز في الثاني، إذ أن أساليب الاستقراء في أحسن الأحوال تقود إلى الظن لا إلى اليقين، وإلى الاختلاف في نتائجه حسب قوة القرائن التي يعتمد عليها، مما يجعل مستحيلا تحصيل اليقين ووحدة الرأي في صحة أي نص يراد الشك به. وهل من شاهد على الوحي؟ لذا كان لا بد من التصديق ابتداء بعصمة التبليغ، ومثله بعصمة الوظائف المتصلة بالنبوة، مما يترتب عليه صحة الرسالة، بل لولا عصمة النبي المطلقة لسقطت عصمة التبليغ، لأننا لا نعلم حينئذ إن كان ما ينقله إلينا بلاغا عن الله أو كلاما من الله أم تطوعا منه وادعاء حاشا لله.
على أنهم وإصرارا على ذلك النهج، رغم معارضته لصريح الكتاب وللمنطق السديد، قد دسوا الروايات المختلقة ليؤيدوا توجهاتهم التي يدعون فيها أخطاء للرسول ليس فقط على مستوى القرار، بل على مستوى السلوك الشخصي، بل وتصل أحيانا إلى مستوى السذاجة أو فقدان النزاهة، أو عدم التنزه حتى عن ما يتنزه عنه الإنسان العادي، لكننا نجده حين جاءه أحد الصحابة يستفسر منه عن نهي قريش له عن عنايته بكتابة أحاديثه والسخرية منه لذلك، وقولهم له إنه بشر يخطئ
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»