الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٦٨
عليه وآله)، ولو قبلنا بهذا سببا لهذه الصلاة، لكان اتهاما لله ورسوله بمحاباة بعض الناس لقرابتهم من النبي وانتسابهم إليه ودون استحقاق، بينما الإسلام لم يجعل النسب في ذاته مما يميز بين الناس لا في الدنيا ولا الآخرة * (.. لا أنساب بينهم يومئذ..) * بل لم يجعل فضلا لأحد على أحد فردا أو جماعة إلا بالعمل والخصائص الذاتية من الطهر والعلم والتقوى والصلاح والقرب من الله، وهذا مما لا يحتاج إلى نقاش ولا استدلال فهو من مسلمات الدين والقرآن، إذن هذه الصلاة على الآل مع النبي (صلى الله عليه وآله) قطعا ليست تفضيلا لهم لانتسابهم له فحسب، وإذ كانت صلاتنا عليه (صلى الله عليه وآله) تنويها بمنزلته من الأمة والرسالة وعند الله تعالى، فاقتضى حكما أن تكون صلاتنا على آله لمنزلة جعلها الله لهم كما جعل المنزلة لنبيه، ولم يكن تفضيله لهم على الناس لمجرد القرابة منه (صلى الله عليه وآله).
ويؤيد هذا، حين يعلم المسلم بأن الله تعالى قد جعل أجر الرسالة من الناس للنبي (صلى الله عليه وآله) مودته في قرباه * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فلم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) ولا كان الله تعالى ليأمره، أن يطلب إلينا مودة قرباه لمجرد قرابتهم منه وانتسابهم إليه، فلقد تنزه النبي (صلى الله عليه وآله) عن مثل هذه المحاباة، وتعالى رب العزة والجلال عن مثل هذا العبث، ومن يدعي ذلك فإنه كمن يتهم النبي (صلى الله عليه وآله) في نزاهته وعدالته وصدق نبوته، إذ أن هذا التصرف يصدر عن الملوك والسلاطين، لا عن الأنبياء
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»