أن الانحرافات التي وقعت فيها الأمة بعدهم كانوا هم قد أسسوا لها باتباعهم أهوائهم، ولأن هذا معلوم اضطر أصحاب النهج المذكور أن يبتكروا طريقة أخرى لتبرير قولهم بعدالتهم على ما كان منهم مما ينافي العدالة، بقولهم أن الصحابة لا يفسقون بما يفسق به غيرهم، وكأن للدين وجهان، واحد للصحابة وواحد لباقي الناس، وهيهات من هذا الهذر الذي يجافي المنطق ويناقض الكتاب والسنة، بل إثم أحدهم أشد وأكبر، لأن الحجة كانت عليه أبلغ، وهل كون المرء ممن شاهد النبي (صلى الله عليه وآله) يسمح له بالفسوق عن أمر ربه والخروج عن أوامر رسوله (صلى الله عليه وآله)، أم أن ذلك مدعاة إلى مزيد من اللوم والاستهجان في حال حدوثه؟.
أضف إليه أن الرواية عن نجوم الصحابة في ذاتها تحمل ما ينقضها لمخالفتها لواقع الاهتداء بالنجوم، فالإنسان لا يهتدي بأي من النجوم، بل هناك نجوم خاصة يهتدي بها أهل البادية لمعرفة الاتجاهات، مما يناقض نص الرواية، إذ لا يمكن أن يصدر عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما كان غير منسجم مع الواقع (1).