الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٣٧
أن الانحرافات التي وقعت فيها الأمة بعدهم كانوا هم قد أسسوا لها باتباعهم أهوائهم، ولأن هذا معلوم اضطر أصحاب النهج المذكور أن يبتكروا طريقة أخرى لتبرير قولهم بعدالتهم على ما كان منهم مما ينافي العدالة، بقولهم أن الصحابة لا يفسقون بما يفسق به غيرهم، وكأن للدين وجهان، واحد للصحابة وواحد لباقي الناس، وهيهات من هذا الهذر الذي يجافي المنطق ويناقض الكتاب والسنة، بل إثم أحدهم أشد وأكبر، لأن الحجة كانت عليه أبلغ، وهل كون المرء ممن شاهد النبي (صلى الله عليه وآله) يسمح له بالفسوق عن أمر ربه والخروج عن أوامر رسوله (صلى الله عليه وآله)، أم أن ذلك مدعاة إلى مزيد من اللوم والاستهجان في حال حدوثه؟.
أضف إليه أن الرواية عن نجوم الصحابة في ذاتها تحمل ما ينقضها لمخالفتها لواقع الاهتداء بالنجوم، فالإنسان لا يهتدي بأي من النجوم، بل هناك نجوم خاصة يهتدي بها أهل البادية لمعرفة الاتجاهات، مما يناقض نص الرواية، إذ لا يمكن أن يصدر عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما كان غير منسجم مع الواقع (1).

(1) من الجدير هنا أن هذا الحديث قد وضع لمعارضة الحديث الثابت لدى جميع المسلمين " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الضلال " فانظر كيف أن النبي (ص) قد تكلم عن جنس النجوم لأن فيها النجوم التي يهتدي بها الناس إلى الاتجاهات في سيرهم في البحر أو البر، بينما في الحديث المزعوم عن الصحابة نسبوا إليه أن الاهتداء يحصل بأي منها، وهذا هو المخالف لواقع الاهتداء بالنجوم.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»