الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٤٨
الأمة الفقر والجهل، حتى ذهبت ريح المسلمين وساد على الأرض الظالمون. كل ذلك كان في ظل ولاية الأمر وتحت مظلة الطاعة لأولي الأمر، وكله لأن بعض الأمة بعد نبيهم (صلى الله عليه وآله) قد عطلوا فريضة الإمامة بذرائع شتى، نزولا تحت ضغط الأطماع القرشية والموازنات القبلية وكأن أمر الإمامة مهمل كما يدعون، وفرضوا على الآخرين موقفهم، حتى استقر عليه الحال وصار المعمول به أن الولاية لمن تولى، فلو كان هذا حقا يعكس مضمون فريضة النص، للزم أن تكون كل تلك المفاسد وبوار أمر المسلمين نتيجة انصياع الأمة لهذه الفريضة الإلهية بمضمونها المدعى، وأن الرسالة قد حملت في نصوصها أسباب تعطلها ودمارها، ويعني خللا خطيرا فيها، ونقصا قاتلا، بل قصر نظر تنزه عنه الباري حين تجعل الشريعة فريضة، ولو على سبيل الرضا على النحو الذي تأولوه، فتتيح لأهل الجور والفساد وسيلة لتطويع الناس وإخضاع رقابهم بوكالة إلهية.
ث - الهروب من العصمة إلى الإجماع:
وإذا تجاوزنا الحقائق الواقعية في التاريخ فلا يجبر هذان الخلل والنقص نظريا إلا أن يفترض أصحاب الادعاء بأن الله تعالى علم بأن الأمة لن تعطي الطاعة إلا لأهلها.
وهذا ما عبر عنه محمد بن زكريا الرازي (في تفسير الرازي 1 \ 144) بصورة غير مباشرة، إذ أقر بضرورة العصمة في الولاية
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»