الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٤٥
وتطويرها، بل جاءت الاجتهادات لتبرر الأمر الواقع وتعطيه الشرعية رغم فساده وانحرافه، وحملت الأمة من خلال هذه التشريعات على الرضوخ له، وهذا مرة أخرى يظهر عدم النضج لدى النخبة من الأمة، إذ هكذا كان المسار الفقهي الذي عليه المعول، بينما كان المفروض أن تتصدى هذه النخبة لفساد الحكم، وتحمل الناس على رفضه، بل وتحمله على الاستقامة والصلاح.
إذن وبعد استعراض الظروف الموضوعية للأمة والرسالة، قد بينا استحالة أن يهمل الله تعالى من رسالته شأن الإمامة العامة، وبعد أن استعرضنا نتائج ما ادعي من الاجتهاد في الإمامة الذي انطلق من دعوى إهمال الرسالة لشأن الإمامة، فبينا دليلا آخر على افتقار الأمة إلى النضج واستيعاب مضمون الرسالة وأبعادها بالدرجة التي لا تسمح بتوقيف أمر الإمامة على إرادتها، هكذا أصبح واضحا أن الله تعالى لا يمكن أن يكون قد سن فريضة الطاعة لأولي الأمر بالنص موضع النقاش على النحو المدعى لا يخص بها جهة يعلم أنها لا تقود بولايتها إلى ضلال أو هلكة، وأنها تكون ضمانة للأمة والرسالة.
إن ما قدمناه ليس نقاشا نظريا في المطلق، بل الواقع التاريخي الذي اتخذه مسار الخلافة ومجتمعها بعد الصدود عن ولاية آل محمد (صلى الله عليه وآله) الشرعية يظهر بما لا يقبل الجدل رجحان ما ذكرنا من المحاذير التي لها أن تترتب على فريضة من النوع الذي ادعاه البعض وتأسس عليه مجرى الأحداث.
(١٤٥)
مفاتيح البحث: الضلال (1)، الجدال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»