أرسل أبا بكر بسورة البراءة لقراءتها على أهل مكة إلا وأرسل عليه عليا ليأخذه منه ويتلوها عنه. فالمؤمن يعلم أنما ذلك بأمر الله وغير المؤمن. يقول اقتضت حكمته ورأيه نعم لا يمكن أبدا أن نظن به ظنا سيئا أكنا مؤمنين بالدين أو مؤمنين بحكمته إذ ذلك ما لا يمكن فرضه أبدا وهو الذي نزل عليه الوحي بفرض الوصية في القرآن وهو الذي قال على كل مسلم أن تكون له وصيته. نعم لا يمكن منطقا حتى لأقل العقول أن يقبل أن رسول الله مات ولم يوصي ولم يعين خليفته فمن ذا عين هذا النبي العظيم؟ وكيف عين ذلك؟
وما هي وظيفة خليفته من بعده؟ وهل يجوز لأصحابه ترك هذه الوصية؟
وإذا نبذوها فماذا يعمل؟ وما هي النتيجة؟ وما هو الحال فيما لو صار خليفة؟ وما هو الحال لمن سلب هذه الخلافة منه وهو يعلم بأمر رسول الله؟ وما هو جزاء هذا المخالف لحدود الله ولحدود رسوله؟
تلك ما نريد البحث فيها.
كما رأيت فيما مضى أن رسول الله صرح كرارا وكرارا بتعيين وصيه من بعده، ليكون إماما من بعده يقود أمته لطريق الصواب فقد انتخبه يوم نزلت عليه الآية وأنذر عشيرتك الأولين، فدعى عشيرته وهم أربعين ونيف وعلي لم يبلغ الحلم حين عرض على عشيرته على من يوازره ويساعده في دعوته ليكون خليفته ووصيه ووزيره من بعده قالها ثلاثا فلم يجد من يلبي دعوته سوى علي وعندها خاطب القوم اسمعوا إن هذا خليفتي ووصيي ووزيري عليكم فاسمعوا له وأطيعوا (1).
ولطالما خاطبه بين الصحابة في مختلفة الأوضاع والأفراد مصرحا عنه أنه عليا مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فهو أخوه ووزيره وخليفته.