بما يحمله من رحمة وعطف وحنان لبني قومه للإنسانية جمعاء بما يحمله من الرأي الصائب والعقل الكامل والروح العظيمة والنبوغ الذي أذهل عباقرة العالم. هذا الذي طأطأت له سرات القوم وأبطالها عاليها ودانيها وحكماءها وجهالها هذا الذي استطاع في أقل ما يمكن من الزمن أن يشيد أمة ويسمو بها إلى أوج المجد وضرب للإنسانية المتدهورة أعظم المثل للتعالي والتقدم. هذا الذي حارت فيه ذوي حمى من أعدائه حتى دانوا له صاغرين وذلوا له معترفين لا لنبوته فحسب بل لما أتاه الله من الفكر الصائب والإرادة التي لا تقهر هذا الذي لم يألو جهدا لتدبير كل صغيرة وكبيرة إلا وعالجها من أصغر ما يحتاجها المجتمع الإنساني الفرد والجماعة. النساء والرجال، وجاء بأنبل القوانين الإنسانية العادلة والمثل العليا وأوصى بما يقوم عليه سعادة الأفراد والجماعات منذ ذلك اليوم إلى آخر ما يتصور الإنسان أن يقيم على هذه الكرة وهذا الذي عرف أصحابه وأعطى كل واحد منهم حقة في المنزلة اللائقة به في حياته وأوصى بها. هو في سنته وما أوحى له الله في كتابه المجيد ونحن نعلم أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى حيث جاءه * (ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * وقال تعالى: * (ولا الآخرة أعظم درجات وأعظم تفضيلا) * وامتدح كل صحابي بما فيه وعرف الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق والمسلم من الكافر ومن المؤمنين درجاتهم وعرف كيف يفهم الفرد والجماعة بما يحمله من لياقة وقدرة فتراه ينتخب بين أفراده أليفهم لأداء أمر من الأمور دون أن يعوقه منه سن أو نسب أو حسب ويشرف على الكبيرة والصغيرة ويفتي بها وحاشاه أن ينطق عبثا أو يعمل خلاف المصلحة والعدالة أو يوكل أمرا لغير أهله أو يوصي لهوى أو تتقلب عليه العواطف، فهدفه واحد وعقيدة راسخة لا تتزلزل وهو القدوة والمقتدى في كل شئ في حياته ومماته لهذا كانت أقواله
(٩٦)