الإمام علي (ع) - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٧٨
يتصوره المرء من الانحطاط الخلقي والاجتماعي والاقتصادي وبعد إدلائه بتلك الوصايا فيترك صرح ذلك البناء الشامخ وما شاده للعواصف والأهواء دون أية وصية، ذلك ما لا يقبله العقل فهو قد أوصى والجميع يعرفون عليا وصيه حق المعرفة وقد بايعوه وهنئوه قبل شهرين في غدير خم كما يأتي وفي غير مرة صرح قبلها وبعدها كما سيأتي وأسانيدها متواترة ثابتة بيد أن القوم تركوها وراء ظهورهم وخالفوها وتظاهروا بالقدسية وهم يسحقون أشرف المقدسات تحت أقدامهم لبلوغ مآربهم ورسول الله رغم وصاياه الكثيرة أخص منها في حديث الدار وحديث الثقلين وغيرها وأعظمها يوم غدير خم فهو قد عهد إلى وصيه من بعده. كما بلغه أن الأمة ستغدر به من بعده (جاء في مستدرك الحاكم 3: 140 - 142 وصححه هو والذهبي في تلخيصه وفي تاريخ الخطيب 11: ص 219 وتاريخ ابن الأثير 6: 219 وكنز العمال 6: 157 حيث قال له: أما إنك ستلقى بعدي جهدا فقال علي في سلامة من ديني فأجابه في سلامة من دينك (مستدرك الحاكم صححه هو والذهبي) كما قال لعلي ضغنا في صدور أقوام لا يبدونها إلا بعدي (ابن عساكر والمحب الطبري في الرياض 2: 210 عن مناقب أحمد والحافظ الكنجي في الكفاية ص 142 والخوارزمي في المقتل 1: 36 وقد قال له (صلى الله عليه وسلم):
- يا علي إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلن (جاء في كنوز الدقائق للحناوي ص 188) ويظهر من هذه الوصية الأخيرة أن القوم قد علموا بها فجاروا عليه عندما سمعوا عليا يقول: (لولا وصية سبقت) فقال بعضهم لبعض إن الرجل لموصى.
أي لنفعل ما نشاء، وإلا ما كان من علي وهو ذلك المهاب أن يساق " كما يساق المجرم " إلى أبي بكر وهو يقول أنا عبد الله وأخو رسوله، وهم يعلمون حق العلم أنه بعد الوصية ومهما كبل لا يثور ولا يقاتل. وما أعجب قول أبي بكر وتنكره للحقيقة
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»