الإمام علي (ع) - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٧٤
يعذبني؟ قال نعم يا بن اللخناء، أما والله ولو كان عندي إنسان أمرت أن يجأ أنفك، ومثله عمر في كثير من الموارد. كان عوض أن يوضح أو يفسر أو يجيب من يسأله تفسير آية يضربه ضربا مبرحا حتى يموت أحيانا كما سيأتي ذكره (1) أليس ذلك لجهله بالجواب وآداب السؤال وجهله بالدين وأصول الاجتماع وهما يتناسون قول الله سبحانه وتعالى: * (وأما السائل فلا تنهر) * وقول الله ونهيه في الآية بالنسبة لكل سائل وبالأحرى إذا كان السؤال عن تفسير خال عن المال إذ لا أدري نصف الجواب ولكنهم رغم جهلهم يأبون ذلك ويستفيدون من سلطتهم المطلقة ويرغبون السمائل لكي ينتهي هو وغيره ويكف عنهم على أن المرء قد يعجز عن إرضاء الناس بما له مهما كان ثريا ولكنه يستطيع إرضائهم بأخلاقه وأجوبته وحسن بيانه. وهنا القدر ليس معناه أن الإنسان مرغم على عمله فإن كان لديه قدرا قليلا من العلم والحكمة لأجاب السائل بذلك إذ هناك آيات تدل أن الإنسان في كثير من الأمور إنما هو مخير كقوله تعالى: * (إنا هديناه السبيل) * ومنها: * (إنا هديناه النجدين) * نعم:
إن الإنسان في أمثال الزنا وكثير من المظالم مخير لاتباع الخير أو الشر وله في عقله ونفسه الإمارة سلطة ومنعة فلا يستطيع أن يتمسك بالقدر ولا يستطيع أن يقول: أنا عملت الجناية أو المخالفة أو الجنحة أو الخطأ أو الإساءة لأنها مقدرة أبدا ولهذا نرى:
لا حكم على المجنون والطفل الغير البالغ لعدم تأثير العقل على أعمالهما فرد السائل إنما هو دليل الجهل المطبق كما أن قول الخليفة الثاني: إني منعت رسول الله في العهد فكانت إرادة الله كما أردت أليس ههنا اعتراف بمخالفة الله ورسوله واجتراء صريح، إن هذا خارج من نطاق الجهل بل هو الكفر إن أنكر والفسق إن اعترف وخالف

(1) طالع الكتاب السادس من موسوعتنا في الخليفة عمر (رض) طبع الإرشاد للطباعة والنشر بيروت - لندن - المؤلف -.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»