الإمام علي (ع) - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٣١٣
الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بها أثقل عليه. فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل فإني لست في نفسي يفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره. يملك منا ما لا نملك من أنفسنا وأخرجنا مما كنا فيه إلى ما صلحنا عليه، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى.
وإليك بعض ما أوصى به بعض من استعمله (عليه السلام) في الصدقات ونذكر منها جملا لنرى كيف كان (عليه السلام) يقيم عماد الحق ويشرع أمثلة العدل في صغير الأمور وكبيرها ودقيقها وجليلها قال (عليه السلام):
انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا ترد عن مسلما، ولا تجتازن عليه كارها ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ثم امضي إليهم بالسكينة والوقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم. ولا تخدج (1) بالتحية لهم ثم تقول عباد الله أرسلني إليكم ولي الله وخليفته لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه؟ فإن قال قائل لا. فلا تراجعه، وإن أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، فإن كان له ماشية أو إبل، فلا تدخلها إلا بإذنه فإن أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلط عليه ولا عنيف به، ولا تنفرن بهيمة ولا تفزعنها، ولا تسوؤن صاحبها فيها، واصدع المال صدعين ثم خيره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره، ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق

(1) لا تبخل.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»