الإمام علي (ع) - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٣٠٩
فقال (عليه السلام) يسافر بها ثم يجامعها نهارا.
وإليك أدناه بعض الخطب والكلمات التي بحث فيها على اتباع العدالة في الحكم والابتعاد عن الظلم وقضاة العدل والجور. ومنها:
في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل:
إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان، رجل وكله الله إلى نفسه (1) فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام يدعة، ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته، ورجل قمش جهلا (2). موضع في جهال الأمة، عاد في اغباس (3) الفتنة عم بما في عقد الهدنة قد سماه أشباه الناس عالما وليس به، بكر فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر حتى ارتوى من آجن (4) واكتنز من غير طائر، جلس بين الناس قاضيا، صامتا لتخليص ما التبس على غيره، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا رثا من رأيه ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، فإذا أصاب خاف أن يكون قد أخطأه، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب، جاهل خباط جهالات، عاش ركاب عشواة (5)، لم يعض على العلم بضرس قاطع يذري الروايات اذراء الريح الهشيم (6) لأملئ والله باهدار ما ورد عليه، ولا هو أهل لما فوض الله إليه لا يحسب العلم في شئ مما أنكره،

(1) تركه الله لهواه والبدعة التي خلقته الأهواء.
(2) يحسبها واقعا ولا واقع لها.
(3) الظلمات.
(4) الماء الفاسد بالطعم واللون.
(5) جمع عشواء بمعنى خبط عشواء.
(6) ما يبس وتفتت من النبت.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»