الإمام علي (ع) - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٣١٦
ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين ونعم الحكم الله، وما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانها (1) في غد جدث (2) تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها وحفرة لو زيد في مسحتها وأوسعت بدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر وسد فرجها التراب المتراكم وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر وتثبت على جوانب المزلق (3) ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع. أو أبيت مبطانا (4) وحولي بطون غرثى وأكباد حرى أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة (5) * وحولك أكباد تحن إلى القد (6) أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في خشونة (7) العيش فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها. أو المرسلة شغلها تقممها (8) تكثرن من أعلافها وتلهو عما يراد بها، أو

(1) جمع مظنة وهو المكان الذي يظن فيه وجود شئ.
(2) الجدث القبر.
(3) هو السراط الذي يخشى الزلق فيه.
(4) مبطانا ممتلئ البطن.
(5) البطر والأشر.
(6) سير من جلد غير مدبوغ.
(7) الخشونة.
(8) التقاطها للقمامة أي الكناسة وتكترش أي تملأ كرشها.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»