الإمام علي (ع) - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٣١٧
أترك سدى أو أهمل عابثا أو أجر جبل الضلالة أو اعتسف طريق المتاهة (1) وكأني بقائلكم يقول إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد حفد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان، ألا وإن الشجة البرية أصلب عودا والروائع الخضرة أرق جلودا والنباتات البدوية أقوى وقودا وأبطأ خمودا وأنا من رسول الله كالصنو في الصنو (2) والذراع في العضد والله لو تظاهرت العرب على قتال لما وليت عنها ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها وسأجتهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس والجسم المركوس حتى تخرج المدرة (3) من بين حب الحصيد.
إليك عني يا دنيا فحبلك على غار (4) قد انسللت من مخالبك وأفلت من حبائلك واجتنبت الذهاب في مداحضك أين القرون الذين غررتهم بمداعبك أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك، ها هم رهائن القبور ومضايق اللحود، والله لو كنت شخصا مرئيا وقالبا حسيا لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني وأمم ألقيتهم بالمهاوي وملوك سلمتهم إلى التلف وأوردتهم موارد البلاء أن لا ورد ولا صدر (5) هيهات من وطئ دحضك زلق ومن ركب لججك غرق ومن أزور عن حبائلك وفق والسالم منك لا يبالي أن ضاق به مناخه والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه (6) اغربي عني فوالله لا أزل لك فتستذليني ولا أسلس لك فتقوديني، وأيم الله يمينا استثنى فيها بمشيئة الله لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا

(1) موضع الحده.
(2) الصنوان النخلتان (3) قطعة الطين اليابس.
(4) الكاهل بين السنام والعنق.
(5) الورود ورود الماء والصدر المصدور عنه بعد الشرب.
(6) زواله.
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»