وإعادة الحق إلى نصابه. وها أني أقدم الاحتجاج في الخطبة لأنها الهدف ثم أذكر مقدمتها لأنها أقرب لبلوغ ذلك قال:
" حتى إذا قبض الله رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجع قوم على الأعقاب وغالتهم السبل، واتكلوا على الولائج، ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته * (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * ونقلوا البناء عن رحى أساسه.
فبنوه في غير موضعه، معارن كل خطيئة، وأبواب كل ضارب في غمره، قد ماروا في الحيرة، ذهلوا في السكرة على سنة من آل فرعون من منقطع إلى الدنيا راكن أو مفارق للدين مباين ".
ثم نعود لنذكر الخطبة من أولها إذ أرى أنها أوصل للتعبير. قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
" وأخذوا يمينا وشمالا، طعنا في مسالك الغي، وشركا لمذاهب الرشد، فلا تستعجلوا ما هو كائن مرصد، ولا تستبطئوا ما يجئ به الغد، فكم من مستعجل بما أن أدركه ود أنه لم يدركه، وما أقرب اليوم من تباشير غد، يا قوم هذا أبان ورود كل موعود، ودنو من طلعه ما لا تعرفون، ألا وإن من أدركها منا يسري فيها بسراج منير، ويحذو فيها على مثال الصالحين ليعمل فيها ربقا، ويعتق فيها رقا، ويصد شعبا ويشبب صدعا، في سترة عن الناس لا يبصر، القائف أثره، ولا تابع نظره ثم ليشحذن فيها قوم شحذ القين النصل، تجلى بالتنزيل أبصارهم، ويرمى بالتفسير في مسامعهم ويعبقون كأس الحكمة بعد الصبوح ".
ومنها: " طال الأمد بهم - ليستكملوا الخزي، ويستوجبوا الغير، حتى إذا اخلولق الأجل واستراح قوم إلى الفتن، واشتالوا عن لقاح حربهم، لم يجنوا على الله بالصبر، ولم يستعظموا بذل أنفسهم في الحق، حتى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدة البلاء حملوا بصائرهم على أسيافهم وفانوا لربهم يأمروا عظهم.