الإمام علي (ع) - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ١٩٤
إلى أن انتكث عليه فتله وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول: * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) * بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها أما والذي خلق الحبة وبرء النسمة لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.
4 - وجاء في خطبته الرابعة إشارات أخرى على حقه المضاع وإنه كان ينتظر فيهم نتائج ذلك الغدر ومنها:
" بنا اهتديتم في الظلماء وتسنتهم العلياء، وبنا انفجرتم عن السراء وقر سمع لم يفقه الواعية وكيف يراعى النبأ من أصمته الصيحة ربط جنان لم يفارقه الخفقان، ما زلت أنظر بكم عواقب الغدر، وانسوكم سجية المغترين، سترني عنكم جلباب الدين، وبصرنيكم صدق النية، أقمت لكم على سنن الحق في جواد المضلة، حيث تلتقون ولا دليل، وتحتفرون ولا تميهون، اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان، غرب رأى امرئ تخلف عني، ما شكلت في الحق مذ أريته، لم يوجس موسى (رض) خيفة على نفسه، اشفق من غلبة الجهال ودول الضلال، اليوم توافقا على سبيل الحق والباطل، من وثق بماء لم يظمأ.
5 - وتلكم في خطبته الخامسة ويرى فيه لومة للغاصبين وما يكنه من العلم المكنون لمثل هذه الحقائق التي لا يرى الصلاح في إباحتها لهم قوله: منها:
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»