الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٧ - الصفحة ١٢
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، وجد جثمان الشهيد مصعب مع جثث الشهداء مطروحة على أرض المعركة هنا وهناك، وجاء الرسول (صلى الله عليه وآله) وأصحابه يتفقدون أرض المعركة ويودعون شهداءها، وقف على جثمان مصعب وسالت دموعه غزيرة، وقرأ هذه الآية:
* (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) *.
يقول خباب بن الأرت:
هاجرنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سبيل الله، نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله، فمنا من مضى، ولم يأكل من أجره في دنياه شيئا - منهم حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير - قتل يوم أحد... فلم يوجد له شئ يكفن فيه إلا نمرة.. فكنا إذا وضعناها على رأسه تعرت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه برز رأسه، فقال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اجعلوها مما يلي رأسه، واجعلوا على رجليه من نبات الأذخر ".
وعلى الرغم من الألم والحزن العميق الذي سببه رزء الرسول (صلى الله عليه وآله) في عمه حمزة، وتمثيل المشركين بجثمانه الطاهر تمثيلا فظيعا، بحيث أفاض دموع الرسول (صلى الله عليه وآله) وأوجع قلبه.
وعلى الرغم من امتلاء أرض المعركة بجثث أصحابه البررة الذين كان كل واحد منهم يمثل عالما من الطهر والصدق والوفاء، لكن وقفته على جثمان أول سفرائه (مصعب بن عمير) يودعه وينعاه، ترك أثره العميق في نفسه قائلا: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) *، ثم ألقى بردته عليه وكفنه فيها بحزن وأسى، وقال: [لقد رأيتك بمكة، وما بها أرق حلة، ولا أحسن لمة منك، ثم ها أنت ذا شعث الرأس في بردة]؟؟
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 » »»