الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٧ - الصفحة ٨
بكما إلى حينا، تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا، إذا كنتما لا تريدان الخروج من الحياة "؟؟
أجابه مصعب بكل هدوء ووقار، مثل هدوء طلوع الفجر وانسيابه، بعد أن انفرجت أساريره، ونطق بلين الكلام لسانه قائلا:
" أو لا تجلس فتستمع؟؟ فإن رضيت أمرنا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره ". كلام بليغ ومنطق سليم. الله أكبر... ما أروعها من بداية سيسعد بها الختام!!
كان (أسيد بن حضير) رجلا أريبا عاقلا، ومنطقيا وقد رأى مصعبا يحتكم معه إلى ضميره، فيدعوه إلى أن يسمع كلامه لا غير، فإن هو اقتنع فبها، وإن لم يقتنع ترك (مصعب) حيهم وعشيرتهم، وتحول إلى حي آخر، وعشيرة أخرى، غير ضار ولا مضار.
هنالك أجابه (أسيد) قائلا: أنصفت... وألقى حربته إلى الأرض، وجلس يصغي إلى قول (مصعب).
ولم يكد مصعب يقرأ آيات من القرآن، ويفسر الدعوة التي جاء بها الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله) حتى أخذت أسارير (أسيد) تبرق وتشرق وتتفتح وتعتبر بواقع الكلام، وتأسره بعمق معانيها وجمالها.
ولم يكد يفرغ مصعب من تلاوة الآيات وحديثه حتى هتف به (أسيد بن حضير) وبمن معه قائلا:
" ما أحسن هذا القول وأصدقه... كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين "؟
وأجابه المسلمون بتهليلة رجت الأرض رجا، ثم طلب منه مصعب أن
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 » »»