الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٧ - الصفحة ٣
عليه في القرآن الكريم، ويصلي بهم ويأتمون به لله العلي القدير.
ولم يكد مصعب بن عمير يسمع كلمات الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله) حتى تنساب الآيات المشرفات إلى مسمع الفتى، ثم تأخذ طريقها إلى قلبه فيشع نور الإيمان في كيانه وينصهر في بودقته. وكادت الغبطة تخلعه من مكانه، وكاد يطير من شدة الفرح.
وقربه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) إليه وبسط يمينه المباركة حتى مسحت صدره المتوهج بالإيمان والفؤاد الثاقب، فكانت السكينة والإيمان ملئ كيانه، وفي لمح البصر كان هذا الفتى المملوء حيوية قد آمن بالله الواحد الأحد والرسول المرسل واكتسب من الحكمة ما يفوق ضعف سنه مشفوعا بيقين الإيمان والإقدام والتصميم ما يعجز عن وصفه الواصفون وما يغيره سير الزمان...؟؟
كانت أم مصعب (خناس بنت مالك) امرأة ذات شخصية قوية، وكان يهابها الناس، ولم يكن مصعب حين أسلم يخاف أحدا من الناس غير أمه، فلو أن مكة وطغاتها وقفت بوجهه لاستخف بها وقاومها، أما خصومة أمه فإنه لا طاقة له عليها. وبذلك قرر أن يكتم إيمانه وإسلامه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
وصار يتردد على دار الأرقم، ويجلس إلى النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) مع من آمن به من المؤمنين، وهو قرير العين بإيمانه، ويتفادى غضب أمه التي لا تعلم عن إسلامه شيئا.
غير أن طواغيت قريش وعيون جبابرة المشركين لا يخفى عليهم شئ في تلك الأيام بالذات، فهم يحصون أنفاس المؤمنين وتحركاتهم.
ولقد بصر به (عثمان بن طلحة) وهو من بني عبد الدار ومن سدنة الكعبة،
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 1 2 3 4 5 6 7 8 ... » »»