الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٧٧
ظاهر بغداد وأقاموا هناك بضعة أيام مظهرين الرحيل، ثم سألوا الصفح عنهم عندما اجتمع بهم أحد الشيوخ الزاهدين. وقد وصف في كتاب (الحوادث الجامعة) ما جرى بما يلي:
" وفي شعبان حضر جماعة المماليك الظاهرية والمستنصرية (1) عند مشرف الدين إقبال الشرابي للسلام على عادتهم وطلبوا الزيادة في معايشهم وبالغوا في القول وألحوا في الطلب، فرد عليهم وقال: ما نزيدكم بمجرد قولكم، بل نزيد منكم من نزيد إذا أظهر خدمة يستحق بها، فنفروا على فورهم إلى ظاهر السور وتحالفوا على الاتفاق والتعاضد، فوقع التعيين على قبض جماعة من أشرارهم، فقبض منهم اثنان، وامتنع الباقون وركبوا جميعا وقصدوا باب البدرية ومنعوا الناس من العبور، فخرج إليهم مقدم البدرية وقبح لهم هذا الفعل، فلم يلتفتوا إليه، فنفذ إليهم سنجر الياغر فسألهم عن سبب ذلك فقالوا نريد أن يخرج أصحابنا وتزاد معايشنا. فأنهى سنجر ذلك إلى الشرابعي، فأعاد عليهم الجواب: إن المحبوسين ما نخرجهما وهم مماليكنا نعمل بهم ما نريد، ومعايشكم ما نزيدها فمن رضي بذلك يقعد، ومن لم يرض وأراد الخروج من البلد فنحن لا نمنعه.
وطال الخطاب في ذلك إلى آخر النهار، ثم مضوا وخرجوا إلى ظاهر البلد، فأقاموا هناك مظهرين الرحيل، فبقوا على ذلك أياما فاجتمع بهم الشيخ السبتي الزاهد فعرفهم ما في ذلك من الإثم ومخالفة الشرع، فاعتذروا وسألوه الشفاعة لهم، وأن يحضر لهم خاتم الأمان ليدخلوا البلد، فحضر عند الشرابي وعرفه ذلك وسأله إجابة سؤلهم، فأخرج لهم خاتم الأمان مع الأمير شمس الدين قيران الظاهري والشيخ السبتي، فدخلوا والشيخ راكب حماره بين أيديهم، وحضروا عند الشرابي معتذرين فقبل عذرهم، وكانت مدة إقامتهم بظاهر السور سبعة أيام ".
وبعد وفاة الشرابي، كان أمير الجيش وكل ما يتعلق بشؤونه بيدي مقدم

(1) كان الدواتدار الصغير مجاهد الدين إيبك نفسه من المماليك الشراكسة، وهؤلاء المماليك الظاهرية والمستنصرية كانت تتألف منهم جمهرة الجيش، ويقول الذهبي في (سير أعلام النبلاء) عن الشرابي: جعل سنة ست وعشرين وستمائة مقدم جيوش العراق (ص 370، ج 23). ويصف الدولتدار بأنه مقدم جيش العراق، ص 371.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»