الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٧٣
يدخله مدخله ". ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله.. وإني أحق بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله، وقد أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم، ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني.. فإن وفيتم لي ببيعتكم فقد أصبتم حظكم ورشدكم، وأنا الحسين بن علي، ابن فاطمة بنت رسول الله، ونفسي مع أنفسكم، وولدي مع أهاليكم وأولادكم، ولكم بي أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدي، وخلفتم بيعتي، فلعمري ما هي منكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم بن عقيل. والمغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، وسيغني الله عنكم، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته (1).
إن مما تحلت به الشجاعة الحسينية: الروح الانسانية المحبة للخير، الحريصة على إنقاذ الناس من الضلالة، وميتة الجهالة. ولهذا قدم الإمام الحسين سلام الله عليه الموعظة والتذكير، على السيف والنفير، واستجاب لرسائل أهل الكوفة والتي دعته لأن يقبل عليهم فيكون لهم إماما وقدوة، وهو يعلم أنهم الغدرة.. لكنه جاء إليهم ليقطع عذر العاذر، ويخلف الندم والحسرة في قلب كل متخلف عنه، ولئلا يقول قائل: لقد خيبنا إمامنا حيث دعوناه فلم يستجب، واستنجدناه فلم ينجدنا، ومددنا إليه يد المستغيث فلم يراعنا ولم يغثنا.. فيكون لهم الحجة الظاهرة إذا نكصوا عن الجهاد، أو انصاعوا إلى سلطة الجلاد.
لقد قدم الإمام الحسين سلام الله عليه لتصبح الحجة ظاهرة وباطنة، قائمة

(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست