الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٣٣
يكون (1).
فالإمام الحسين سلام الله عليه اتصفت شجاعته بالعلم واقترنت به، فهو يعرف متى يتكلم، ومتى يتحرك، وإلى أين يتجه، وماذا يقول، ويعرف تكليف نفسه وتكليف الناس.
وقد سئل يوما عن الجهاد، سنة أو فريضة؟ فقال عليه السلام: الجهاد على أربعة أوجه: فجهادان فرض، وجهاد سنة لا يقام إلا مع فرض، وجهاد سنة. فأما أحد الفرضين فجهاد الرجل نفسه عن معاصي الله، وهو من أعظم الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض. وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة لو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب، وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنة على الإمام، وحده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم. وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال، لأنها إحياء سنة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا " (2).
وهذا البيان المفصل يكشف لنا عن علم محيط بالشريعة، فإذا انطلق الجهاد من هذا العلم كان جهادا نيرا، وإذا قامت به الشجاعة كانت شجاعة واعية، وكان الإقدام على هدى وبصيرة.
وقد رأى الإمام الحسين صلوات الله عليه أن الظرف الذي عاشه آخر

(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست