الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١١٦
روى الشبلنجي الشافعي في كتاب ﴿نور الأبصار﴾ (1): أنه قيل للحسن رضي الله عنه: لأي شئ نراك لا ترد سائلا وإن كنت على فاقة؟ فقال: إني لله سائل، وفيه راغب، وأنا أستحي أن أكون سائلا، وأرد سائلا، وإن الله تعالى عودني عادة، أن يفيض نعمه علي، وعودته أن أفيض نعمه على الناس، فأخشى إن قطعت العادة، أن يمنعني العادة. ثم أنشد يقول:
إذا ما أتاني سائل قلت: مرحبا * بمن فضله فرض علي معجل ومن فضله فضل على كل فاضل * وأفضل أيام الفتى حين يسأل وكان الإمام زين العابدين، علي بن الحسين، سلام الله عليهما، إذا أتاه سائل قال له: مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة (2).
فهم سلام الله عليهم يفرحون بالقادم عليهم يسألهم فيقضون دينه، ويفرجون عن كربته، ولا يبالون كم عندهم وكم يريد سائلهم. فقد أعطى رجل سيدنا الحسين عليه السلام رقعة كتب عليها حاجته، فقال له الإمام الحسين عليه السلام: حاجتك مقضية. قبل قراءتها (3).
فلا ينظرون إلى ما بقي عندهم بعد عطائهم، بل ينظرون إلى رحمة الله ومرضاته جل وعلا.. قال له مولى له: والله ما بقي عندنا درهم واحد.
وكان الإمام الحسين عليه السلام قد أكرم رجلا ذا حاجة بكل ما لديه، ثم قال: لكني أرجو أن يكون لي بفعلي هذا أجر عظيم (4).
والإمام الحسين عليه السلام أوسع صدرا من أن ينظر إلى المحتاج أكان من شيعته أم من مخالفيه، فأسامة بن زيد كان من الممتنعين عن بيعة الإمام

١ - ص ١٧٧.
2 - تذكرة الخواص: 184.
3 - الخصائص الحسينية: 22.
4 - مقتل الحسين عليه السلام 1: 153.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست