آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٥٤
أبيه أو تولى غير مواليه)!
والجواب: أن مقصود النبي صلى الله عليه وآله بالأبوة في هذه الأحاديث الشريفة: أبوته هو المعنوية للأمة، وبالولاء: ولايته وولاية أهل بيته عليها، وليس مراده الأبوة النسبية ولا ولاء المالك لعبده!
والدليل على ذلك: لو أن ولدا هرب من أبيه، وسجل نفسه باسم والد آخر، ثم تاب من فعلته وصحح هويته، واستغفر الله تعالى.. فإن الفقهاء جميعا يفتون بأن توبته تقبل! ولو أن عبدا مملوكا هرب من سيده ولجأ إلى شخص، وادعى أنه سيده، وبعد مدة رجع إلى سيده واستغفر الله تعالى.. فإن الفقهاء يفتون بأن توبته تقبل.
بينما الشخص الملعون في كلام النبي صلى الله عليه وآله مصبوب عليه الغضب الإلهي إلى الأبد! (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ). والصرف هو التوبة، والعدل الفدية، وقد فسرتهما الأحاديث الشريفة بذلك. فهي عقوبة إلهية لا تصلح إلا لحالات الخيانة العظمى، مثل الإرتداد وشبهه، ولا يعقل أن يكون الإسلام شرعها لولد جاهل يدعو نفسه لغير أبيه، أو لعبد مملوك أو مظلوم يدعو نفسه لغير سيده ! ويؤيد ذلك أن بعض رواياتها صرحت بكفر من يفعل ذلك، وخروجه من الإسلام! كما في سنن البيهقي: 8 / 26، ومجمع الزوائد: 1 / 9، وكنز العمال: 5 / 872. وفي كنز العمال : 10 / 324: (من تولى غير مواليه فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. أحمد عن جابر).
وفي / 326: (من تولى غير مواليه فليتبوأ بيتا في النار. ابن جرير عن عائشة). وفي / 327: (من تولى غير مواليه فقد كفر. ابن جرير عن أنس). وفي: 16 / 255: (ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على رسوله. ش).
ولا نحتاج إلى تتبع هذه الأحاديث في مصادرها وأسانيدها، لأنها مؤيدات لحكم العقل القطعي بأن مقصوده صلى الله عليه وآله يستحيل أن يكون الأب النسبي، ومالك العبد.
ويؤيد ذلك أيضا: أن بعض رواياته كالتي مرت آنفا وغيرها من روايات أحمد، ليس فيها ذكر للولد والوالد، بل اقتصرت على ذكر العبد الذي هو أقل جرما من الولد ومع ذلك زادت العقوبة واللعنة عليه، ولم تخففها!
ويؤيد ذلك أيضا: أن هذه اللعنة وردت في بعض روايات الخطب الشريفة، بعد ذكر ما ميز
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»