والجواب: لقد عين لهم الثقلين من بعده: كتاب الله وعترته، وبشرهم باثني عشر إماما ربانيا يكونون منهم بعده.. وقبل حجة الوداع وبعدها، طالما حدد النبي صلى الله عليه وآله لهم عترته وأهل بيته بأسمائهم: علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، حتى أن أحاديث الصحاح تقول إنه حددهم حسيا فأدار عليهم كساء يمانيا، وقال للمسلمين:
هؤلاء عترتي أهل بيتي!!
ولم يكتف بذلك حتى أوقف المسلمين في رمضاء الجحفة بغدير خم، وأخذ بيد علي عليه السلام وبلغ الأمة إمامته من بعده، ونصب له خيمة، وأمر المسلمين أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين ، ويباركوا له ولايته عليهم التي أمر بها الله تعالى. فهنؤوه جميعا وباركوا له، وأمر النبي صلى الله عليه وآله نساءه وكن معه في حجة الوداع، أن يهنئن عليا فجئن إلى باب خيمته وهنأنه وباركن له.. معلنات رضاهن بولايته على الأمة.
ثم أراد صلى الله عليه وآله في مرض وفاته أن يؤكد الحجة على الأمة بوثيقة مكتوبة، فطلب منهم أن يأتوه بدواة وقرطاس ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده أبدا.. ولكنهم رفضوا ذلك بشدة! وقالوا له: شكرا أيها الرسول، لقد قررنا أن نضل، عالمين عامدين مختارين!
! ولا نريد أن تكتب لنا أطيعوا بعدي عترتي عليا، ثم حسنا، ثم حسينا، ثم تسعة من ذرية الحسين! وقالوا: لا تقربوا له دواة ولا قرطاسا!!
فهل تريد من نبيك صلى الله عليه وآله أن يقيم الحجة أكثر من هذا؟!
* * الأساس الخامس: عقوبة المخالفين للوصية النبوية بأهل بيته عليهم السلام وقد تضمن مبدأ لعن من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه...
ولا نطيل في هذا الأساس لوضوحه، وقد تقدمت عدة فقرات تتعلق به في نماذج النصوص من خطبه صلى الله عليه وآله.
وهي عقوبة أخروية، تتناسب مع مسؤولية النبي صلى الله عليه وآله في التبليغ، والشهادة على الأمة.. وقد جاءت شديدة قاطعة، بصيغة قرار من الله تعالى بلعن المخالفين لرسوله صلى الله عليه وآله في أهل بيته، وطردهم من الرحمة الإلهية، وحكما بعدم قبول توبتهم نهائيا واستحقاقهم العذاب في النار.