آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٤٤
(لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا ). انتهى.
* * والذي يؤكد ما ذهبنا إليه من أن الوصية بالعترة حذفت من خطب حجة الوداع: أن الكلام النبوي الذي هو جوامع الكلم، له خصائص عديدة يتفرد بها.. ومن خصائصه أنه يستعمل تراكيب معينة لمعان معينة، لا يستعملها لغيرها، فهو بذلك يشبه القرآن. وتركيب (ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي) خاص لوصيته للأمة بالقرآن والعترة، لم يستعمله صلى الله عليه وآله في غيرهما أبدا.. كما أن تعبير (إني تارك فيكم الثقلين).. لم يستعمله في غيرهما أبدا. ولذلك عندما قال لهم في مرض وفاته: إيتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا.. فهمت قريش أنه يريد أن يلزم المسلمين بإطاعة الأئمة من عترته بشكل مكتوب، فرفضت ذلك بصراحة ووقاحة ! وقد روى البخاري هذه الحادثة في ستة أماكن من صحيحه!! وروت مصادرهم أن عمر افتخر في خلافته، بأنه بمساعدة قريش حال دون كتابة ذلك الكتاب!!
وعليه فإن ورود هذا التركيب في أكثر رواياتهم لخطب حجة الوداع للقرآن وحده دون العترة ، يخالف الأسلوب النبوي، وتعبيره المبتكر في الوصية بهما معا.. خاصة وأن الترمذي وغيره رووهما معا!
والنتيجة: أن بشارة النبي صلى الله عليه وآله لأمته في حجة الوداع بالأئمة الاثني عشر ، ووصيته بالثقلين، وجعله عترته الطاهرين عليا وفاطمة والحسن والحسين عدلا للقرآن في وجوب الأتباع، أمر ثابت في مصادر جميع المسلمين.. لا ينكره إلا من يريد أن يتعصب لقبيلة قريش، في مقابل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله.
* * وأما المبدأ الثالث من هذا الأساس (إعلان علي وليا للأمة من بعده)، فهو صريح خطبة الغدير، وقد اقتصرنا منها على نزول الآيات الثلاث فيها، ولا يتسع موضوعنا لبحث أسانيد الخطبة ونصوصها، ودلالتها.. وقد تكفلت بذلك المصادر الحديثية والكلامية، ومن أقدمها كتاب (الولاية) للطبري السني، ومن أواخرها كتاب (الغدير) للعلامة الأميني رحمه
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»