آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٢٩١
وسعته حيطته وأحاط به اطلاعه، ثم جاء المتأخر عنه فاستدرك على من قبله بما أوقفه السير في غضون الكتب وتضاعيف الآثار، وأوفى ما وجدناه من ذلك كتاب الإصابة بتمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، ومع ذلك فهو يقول في مستهل كتابه: (ومع ذلك فلم يحصل لنا من ذلك جميعا الوقوف على العشر من أسامي الصحابة بالنسبة إلى ما جاء عن أبي زرعة الرازي قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان، من رجل وامرأة، كلهم قد روى عنه سماعا أو رؤية...) وبعد هذا كله فالنافي لشخص لم يجد اسمه في كتب هذا شأنها خارج عن ميزان النصفة، ومتحايد عن نواميس البحث، على أن من المحتمل قريبا أن مؤلفي معاجم الصحابة أهملوا ذكره لردته الأخيرة. انتهى.
ونضيف إلى ما ذكره صاحب الغدير رحمه الله وما تقدم:
أولا: أن من الأدلة القوية على صحة هذا الحديث أنه لا يمكن أن ينشأ من فراغ، وأن احتمال وضعه من قبل رواة الخلافة القرشية غير معقول، لأنهم لا يقدمون على وضع حديث يثبت أن ولاية علي عليه السلام نزلت من السماء قبل بيعة أبي بكر في السقيفة، وأن الله تعالى عاقب من اعترض عليها بحجر من السماء، كما عاقب أصحاب الفيل والكفار!
كما أن القول بتسرب الحديث من مصادر الشيعة إلى مصادر السنة باب خطير عليهم.. فلو قبلوا بفتحه لأنهار بناء صحاحهم كلها، ثم انهارت الخلافة القرشية وسقيفتها! وذلك لأن رواة هذه الأحاديث (الشيعية) هم رواة أصول عقيدة الخلافة القرشية وبناة قواعدها.
. فالسنيين مجبورون على توثيقهم وقبول رواياتهم، ومنها هذه الروايات التي تضر أصول مبانيهم !
ثانيا: أن المتفق عليه في مصادر الشيعة والسنة أقوى من المختلف فيه.. لأنك عندما ترى أن مذاهب المسلمين كلها تروي حديثا، يقوى عندك احتمال أن يكون صدر عن النبي صلى الله عليه وآله، وعندما يرويه بعضها ويرده بعضها تنزل عندك درجة الاحتمال.
ومما يزيد في درجة احتمال الصحة: أن يكون الطرف الراوي للحديث متضررا منه ضررا مؤكدا ، ومتحيرا في كيفية التخلص منه!
وحديثنا من هذا النوع، فهو حديث يتضرر منه أتباع خلافة قريش من المسلمين، ويبغضه عبدة قبيلة قريش من النواصب! أما أتباع أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله فيحتجون به، وتخبت
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»