تاريخ قصة الغدير.
الجواب: أولا، ما سلف في رواية الحلبي في السيرة، وسبط ابن الجوزي في التذكرة، والشيخ محمد صدر العالم في معارج العلي، من أن مجيء السائل كان في المسجد إن أريد منه مسجد المدينة، ونص الحلبي على أنه كان بالمدينة، لكن ابن تيمية عزب عن ذلك كله، فطفق يهملج في تفنيد الرواية بصورة جزمية.... فحسب اختصاص الأبطح بحوالي مكة، ولو كان يراجع كتب الحديث ومعاجم اللغة والبلدان والأدب لوجد فيها نصوص أربابها بأن الأبطح كل مسيل فيه دقاق الحصى. روى البخاري في صحيحه: 1 / 181، ومسلم في صحيحه: 1 / 382: (عن عبد الله ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء بذي الحليفة فصلى بها).
الوجه الثاني: أن سورة المعارج مكية باتفاق أهل العلم، فيكون نزولها قبل واقعة الغدير بعشر سنين أو أكثر من ذلك.
الجواب: أن المتيقن من معقد الإجماع المذكور هو نزول مجموع السورة مكيا، لا جميع آياتها ، فيمكن أن يكون خصوص هذه الآية مدنيا، كما في كثير من السور.
ولا يرد عليه أن المتيقن من كون السورة مكية أو مدنية، هو كون مفاتيحها كذلك أو الآية التي انتزع منها اسم السورة، لما قدمناه من أن هذا الترتيب هو ما اقتضاه التوقيف، لا ترتيب النزول، فمن الممكن نزول هذه الآية أخيرا، وتقدمها على النازلات قبلها بالتوقيف ، وإن كنا جهلنا الحكمة في ذلك، كما جهلناها في أكثر موارد الترتيب في الذكر الحكيم ، وكم لها من نظير، ومن ذلك:
1 - سورة العنكبوت، فإنها مكية إلا من أولها عشرة آيات، كما رواه الطبري في تفسيره في الجزء العشرين / 86، والقرطبي في تفسيره 13 / 323.
2 - سورة الكهف، فإنها مكية إلا من أولها سبع آيات، فهي مدنية... كما في تفسير القرطبي 10 / 346، وإتقان السيوطي 1 / 16...
ثم عدد الأميني سبع عشرة سورة مكية، فيها آيات مدنية، وسورا مدنية فيها آيات مكية .
الوجه الثالث: أن قوله تعالى: وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا