آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٢٦٩
الصعداء إلا برحيل النبي من مكة بعد حجة الوداع دون أن يطالبها بالبيعة لعلي!
ولكن الله تعالى لم يكتف بذلك، حتى أمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يوقف المسلمين في طريق عودتهم في حر الظهيرة، في صحراء ليس فيها كلأ لخيولهم وجمالهم، ولا سوق ليشتروا منه علوفة وطعاما، إلا دوحة من بضع أشجار على قليل من ماء، وذلك بعد مسير ثلاثة أيام .. فلم يصبر عليهم حتى يصلوا إلى مدينة الجحفة التي لم يبق عنها إلا ميلان أو أقل، بل كان أول القافلة وصل إلى مشارفها.. فبعث إليهم النبي وأرجعهم إلى صحراء الغدير !
كل ذلك لكي يصعد الرسول صلى الله عليه وآله المنبر في غير وقت صلاة ويرفع بيد ابن عمه وصهره علي عليه السلام ويقول لهم: هذا وليكم من بعدي، ثم من بعده ولداه الحسن والحسين ، ثم تسعة من ذرية الحسين عليهم السلام.
هنا تجلت آية العصمة من الناس مجسمة للعيان.. فقد كمم الله تعالى أفواه قريش عن المعارضة ، وفتح أفواههم للموافقة، فقالوا جميعا: نشهد أنك بلغت عن ربك.. وأنك نعم الرسول .. سمعنا وأطعنا.. وتهافتوا مع المهنئين إلى خيمة علي.. وكبروا مع المكبرين عندما نزلت آية (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي)!
ثم أصغوا جميعا إلى قصيدة حسان بن ثابت في وصف نداء النبي صلى الله عليه وآله، وإبلاغه عن ربه ولاية علي عليه السلام من بعده.
واستمرت التهنئة من بعد صلاة العصر إلى ما شاء الله.. وبعد صلاة المغرب والعشاء تتابع المهنئون لعلي على ضوء القمر ليلة التاسع عشر من ذي الحجة.. فقد بات النبي صلى الله عليه وآله في غدير الإمامة، وتحرك إلى المدينة بعد صلاة فجره.. وقيل بقي فيه يومان !
أما كيف سلب الله تعالى قريشا القدرة على تخريب مراسم الغدير.. وكيف كف ألسنتها.
. وهي السليطة بالاعتراض.. الجريئة على الأنبياء؟! وكيف جعلها تفكر بأن تمرر هذا اليوم لمحمد صلى الله عليه وآله كي يفعل لبني هاشم وعلي ما يشاء؟!
ذلك من عمله عز وجل، وقدرته المطلقة.. المطلقة!
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»