آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٢٣٩
وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي عليه السلام فأعلمته خوض الناس فيه ، فتبسم عليه السلام ثم قال:
يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه صلى الله عليه وآله حتى أكمل له الدين، وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء، بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز وجل: ما فرطنا في الكتاب من شيء، وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره صلى الله عليه وآله: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.
وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمض صلى الله عليه وآله حتى بين لأمته معالم دينهم ، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم عليا عليه السلام علما وإماما ، وما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به.
هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة، فيجوز فيها اختيارهم؟!
إن الإمامة أجل قدرا، وأعظم شأنا، وأعلى مكانا، وأمنع جانبا، وأبعد غورا، من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم.
إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة، مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه بها، وأشاد بها ذكره فقال: إني جاعلك للناس إماما، فقال الخليل عليه السلام سرورا بها: ومن ذريتي؟ قال الله تبارك وتعالى: لا ينال عهدي الظالمين .
فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصفوة.
ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة، فقال: ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين. وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين. فلم تزل في ذريته، يرثها بعض عن بعض ، قرنا فقرنا، حتى ورثها الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله فقال جل وتعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين، فكانت له خاصة فقلدها صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بأمر الله تعالى على رسم ما فرض
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»